إعداد: د. محمد أبو العطا
تلعب مراكز الفكر والبحوث دورًا محوريًّا في الولايات المتحدة؛ ليس لكونها أكثر دولة تحوي مراكز فكرية في العالم، بل لما تتمتع به هذه المراكز من نفوذ على صُناع السياسة الأمريكية، ومصداقية كبيرة لدى وسائل الإعلام الأمريكي، فضلًا عن ضخامة تمويلها، ودخول الكثير منها في شراكات أو تعاقدات مع مؤسسات كبيرة في الجهات التنفيذية والتشريعية.
يأتي على رأس هذه المؤسسات ذات النفوذ في الولايات المتحدة: راند، وبروكينجز، ومعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ومؤسسة كارينجي للسلام.
بدأت راند كمؤسسة بحثية تابعة للقوات الجوية الأمريكية، أما بروكينجز فيهتم بالأساس بدراسة موضوعات السياسة العامة، أما معهد واشنطن فمعروف بشدة ارتباطه بالمصالح الإسرائيلية سواء في داخل الولايات المتحدة أو الشرق الأوسط، أما كارينجي فتأسست بدافع تعزيز السلام العالمي من خلال تقديم دراسات تدور حول الأوضاع الراهنة وكيفية حل المشكلات والقضايا العالقة.
تهدف دراسة “العيون الأمريكية على الإسلام السياسي” إلى تسليط الضوء على مواقف هذه المراكز البحثية من ظاهرة الإسلام السياسي وحركاته في فترات نموها وصعودها وضعفها وأفولها، من خلال تمحيص وتحليل مضمون أبرز إصدارات هذه المراكز خلال عامي 2017 و2018.
إن الغرض الأساسي لهذه الدراسة هو الكشف عن الخيط الناظم لهذه المراكز في تعاطيها مع حركات الإسلام السياسي، وكيف تنظر بعيونها إليها في سكونها وحركتها، وصعودها وأفولها، وكيف تأثرت هذه المراكز البحثية بخلفيات باحثيها الثقافية، وطبيعة أيديولوجياتهم، وتوجهات مُموليها؛ فالمراكز البحثية ليست مجرد مرآة مستوية تعكس الصورة كما هي، بل هي أقرب ما تكون إلى المرايا المُحدبة والمُقعرة التي تعمد إلى التصغير في حينٍ والتكبير في أحيانٍ أخرى.
Leave A Comment