إعداد: بيرنداتي‭ ‬بينساودفينست

ترجمة: آية قطب

لعب الباحثون والباحثات دورًا رائدًا، خلال هذه الفترة العصيبة، من خلال تبادل معارفهم وتحليلاتهم المستنيرة، والمساهمة في وسائل الإعلام كل يوم، حيث إن الاستخدام المكثف للخبراء في أوقات الأزمات ليس بالأمر الجديد.

وقد أصبح التواصل العلمي الآن في حالة تأرجح كامل؛ لأن الفيروس نجح فجأة في تقريب الحكومة من المجتمعات العلمية. وإن كانت إدارة الأزمة الصحية جزءًا من النظام الطبيعي للمجتمعات الحديثة، فإنها رغم ذلك تفاجأ؛ لأنها أدت إلى إعادة تنشيط نموذج قديم، ألا وهو الحبس العام للسكان، ومن الممكن أن ننتهز هذه الفرصة لتحويل العلاقة بين العلم والسلطة، وتغيير قواعد اللعبة التي لا تترك أي مبادرة للمجتمع المدني، كما ذكر ميشيل فوكو في فكرة نماذج السياسة الحيوية.

وخطة الطوارئ، التي كان يجب تطبيقها منذ ظهور الأوبئة السالفة كالطاعون، والتي نصت على أنه يتوجب على جميع الناس البقاء في المنزل ليكونوا في مكان واحد، وتقسيم المدينة إلى مناطق تحت مسئولية شخص معين خصيصًا، وإتمام التطهير من منزل إلى آخر باستخدام العطور والبخور، وغيرها من الإجراءات المتخذة حينها؛ هذه الخطة مكنت من التصدي لأوبئة الطاعون، وهي مماثلة إلى حد كبير للتدابير التي نفذت في عام 2020.

ويسلط ميشيل فوكو الضوء على التناقض في هذا النموذج العتيق القائم على الحجر الصحي، على الرغم من أن تدابير الحجر الصحي اليوم تهدف في الأساس إلى إنقاذ نظام المستشفيات.

يتحدى فيروس مكون من بضعة خيوط من الحمض النووي الريبي حداثة العلم، التي تجمعت في محاولة لمواجهة الأزمات التي تعقب ذلك. وعلى الجانب الاقتصادي، هز الفيروس الأوضاع الاقتصادية والصناعية والتجارية بأكملها على نطاق عالمي، في غضون بضعة أسابيع قليلة. كما ألقى بظلال من الشك على السياسة العلمية في العقود الأخيرة.

وأخيرًا نذكر دور الرقابة في توعية الشعب، حيث إن الدعوة إلى الخبرة العلمية والطبية تشترك في نقطة مع النموذج العتيق لإدارة الوباء، بل إن الأمر يتلخص في إسكات عامة الناس، وأمرهم بالامتثال لأوامر السلطة أو الخبراء؛ من أجل السلامة الشخصية، بالإضافة إلى أساليب التسلسل التي مكنت من التعرف على الفيروس بسرعة كبيرة.

ومن المحتم أن يمر الفيروس من الصين إلى أوروبا والشرق الأوسط، ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأخيرًا إلى إفريقيا. إن فيروس كورونا لا يؤدي إلى خلق أزمة عالمية فحسب، بل إنه يحول العالم إلى مختبر ضخم؛ إذ يسعى كل البلدان إلى فهم كيفية انتقال العدوى، وكيف يمكن السيطرة على ذلك، والاستعداد لفيروسات ناشئة أخرى.

حمل الدراسة