إعداد: زهراء بسام النجار

لا تزال إشكالات مثل الخطاب الديني، والسلطة الدينية، والدعوة والدعاة، تأخذ موقعها من اهتمامات الباحثين والمفكرين، وهو اهتمام مستحَق على كل حال، ليس فقط لجوهر موضوعه ومركزيته في الفهم الاجتماعي، ولكن كذلك لطبيعة المجتمعات الإسلامية وخصوصيتها، إذ توصف بكونها مجتمعات مؤدلجة بدرجة ما، فسؤال “الدين” فيها حاضر دائمًا بعلائقه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، سواء في مطالبات الإصلاح الديني وإعادة الهيكلة وتجديد الخطاب، أو دعوات العودة إلى الإرث التاريخي للإسلام، والامتثال لتراثه الفقهي والتجديد فيه بقواعد التراث لا قواعد الحداثة.

إذًا، فالحديث عن الدين في الأوساط الأكاديمية والنخبوية، منبعه الأساسي قوة الحضور وكثافته في الحياة اليومية، الأمر الذي يستدعي الوقوف الدائم والحذِر على انعكاسات المستجدات الحداثية على موقعه، وبُنيته السلطوية في المجتمع.

يقدم كتاب (هاشتاج إسلام: كيف تُحوِّل البيئات الإسلامية الإلكترونية السلطة الدينية) رؤية بعين غربية للتحولات الطارئة على أشكال تقديم الخطاب الديني، وما تبِع ذلك من تغيّرات بنيوية على أنماط التدين، وتعريفات السلطة الدينية، وقدرتها على بسط نفوذها في الأوساط الإسلامية، انطلق الكتاب من قاعدة “سطوة التقنية” التي أقرها «هابرمس» حينما تحدث عن التقنية كأيديولوجيا جديدة تفرض نفسها على المجتمعات الحديثة، وتنتزع منها سلطاتها التقليدية.

ويأتي الكتاب كمحاولة لالتقاط صورة بانورامية لواقع الوجود الإسلامي رقميًّا، وتأثير ذلك على مواقع السلطة الدينية في المجتمعات الإسلامية، وتتبلور أهمية هذه الصورة تحديدًا في اتصالها بسياقها التقني، وعلى الرغم من تأكيد الكاتب أنه لا يمكن القول بواحدية السبب –شبكة الإنترنت– في تلك التغيّرات، فإنّ ما قدمه الكاتب من ربط السياقات الاتصالية بالمضمون المُقدَّم من خلالها أبرَز بشكلٍ جليّ أن تغيّر الأشكال الدعوية طبقًا للوسيط التقني قد أثّر بالضرورة في مضامينها الرئيسة.

حمل الدراسة