إعداد: أمل عبد الرحمن

تعد هذه الدراسة محاولة للتعرف على دراسات الجنوسة كمجال معرفي ودراسي. ولإتمام هذه المحاولة؛ تعرض الباحثة الحقول الدراسية التي تندرج تحت هذا المجال المعرفي، ثم تتناول بعض الأفكار الفلسفية والمفاهيم المحورية، بالإضافة إلى عدد من أبرز الجدالات داخل دراسات الجنوسة.

ويأتي الاهتمام بتناول هذا المجال الدراسي بالعرض والدراسة كمحاولة مبدئية لفهمه؛ نظرًا لانتشاره في عالم اليوم، إذ لا توجد جامعة مرموقة في عالم اليوم إلا ولديها قسم لدراسات الجنوسة، وبالتالي فإن موضوعاته الدراسية هي موضوعات محورية في عالم اليوم، حيث تتصاعد أسئلة الهوية، وجدل الأدوار الاجتماعية، ومطالب الحرية.

ورغم أن دراسات الجنوسة، كمجال معرفي ودراسي، قد تعتبر حديثة نسبيًّا، فإن الجنوسة نفسها كانت حاضرة دائمًا في واقع حياة الأفراد، ومحددة لكثير من تجاربهم وخبراتهم على مر التاريخ، بل إنها حاضرة حتى في كل ما وصلنا من حكايات ومعارف عن التاريخ البشري.

وتحت عنوان “دراسات الجنوسة”، توجد عدة حقول دراسية رئيسة هي: دراسات المرأة، ودراسات الرجل، ودراسات الجنسانية sexuality، ونظرية الغرباء queer theory.

وتتأثر دراسات الجنوسة بكل من الوجودية وما بعد الحداثة، فقد كان لهما تأثير كبير فيما يتعلق بنشأة هذا المجال الدراسي، وتشكل مفاهيمه الرئيسة. وتدور دراسات الجنوسة حول ثلاثة مفاهيم محورية هي: الأدائية، والتقاطعية، والبينية. وأخيرًا فإن أبرز أسئلة هذا المجال المعرفي هو سؤال الهوية والجدل الوجودي، الذي يتناول ماهية الأشياء، وهل هي ثابتة وغير متغيرة، أم أن ماهيات الأشياء تتشكل وتتكون وفقًا لظروف التنشئة الاجتماعية والتاريخية المُتغيرة، ستعرض الدراسة لكل نقطة من هذه النقاط بمزيد من الشرح والتعليق.

وختامًا، فإن أحد أبرز أهداف دراسات الجنوسة هو أن تجعل البعد الجندري ظاهرًا ومرئيًّا، وأن تُشكك وتسأل فيما يترتب عليه من تقسيم للأدوار، ومن ظلم يقع على البعض، وامتيازات يحوزها البعض دون الآخر.

ومسعى آخر تعمل لأجله دراسات الجنوسة، هو محاولة تقديم إمكانات جِنْدرية مختلفة، تتجاوز ثنائية الرجل والمرأة بالشكل النمطي التقليدي، وفي سعيها لتحقيق هذه الأهداف وبلوغ مساعيها، تستخدم دراسات الجنوسة مناهج تفكيكية ما بعد حداثية؛ لمحاولة فهم بنية الجنوسة وتفكيكها، وتلجأ إلى مفاهيم البينية والتقاطعية؛ لتتمكن من استيعاب تشعب وتعقد ظاهرة الجنوسة، فالجنوسة تتكون وتستمر كعملية دائمة تنتج وتعيد إنتاج نفسها، وتتداخل مع أبعاد عرقية وطبقية اقتصادية، وهيراركية سياسية، وتوجد في جميع مستويات الحياة، سواء كانت اجتماعية، أم ثقافية، أم اقتصادية، أم سياسية. وكل ذلك يحكم عملية تشكُّل الجنوسة، وتتجلى فيه آثارها.

حمل الدراسة