إعداد: جون ميرشايمر
ترجمة: عبد الرحمن عادل
في هذه الدراسة؛ يُحاجج ميرشايمر بأن المنظومة الدولية التي بنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب بعد الحرب الباردة قد وصلت إلى مرحلة الأُفول، ما يعني بداية تشكل نسق دولي جديد بتوازنات قوى مختلفة ومنظومات دولية جديدة.
ويبدأ ميرشايمر بتعريف المنظومة، وما الذي يعنيه تحديدًا بالمنظومة، وما هى أنواع المنظومات؛ حيث يفرق بين المنظومات الدولية اعتمادًا على ثلاثة أبعاد رئيسة، هي: النطاق؛ فنجد منظومات عالمية وأخرى محدودة، والنوع؛ حيث يقسمها إلى منظومات واقعية وأخرى أيديولوجية ومحايدة، وأخيرًا من حيث السعة والعمق الذي تمتد إليه المنظومة، فيفرق بين منظومات قوية وأخرى ضعيفة، ثم يتطرق ميرشايمر إلى أسباب ازدهار المنظومات وأفولها مشيرًا إلى أن المنظومات الواقعية هى صاحبة العمر الأطول والقدرة الأكبر على الاستمرار بخلاف المنظومات الليبرالية، وبغرض توضيحٍ أكثرُ عمقًا لما يقصده بالمنظومات؛ يناقش ميرشايمر منظومات الحرب الباردة ١٩٤٥-١٩٨٩ ليقول إن تلك الفترة شهدت ثلاث منظومات في النسق الدولي؛ الأولى: منظومة دولية عالمية النطاق تنسق الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي من خلالها مصالحها المشتركة، وإلى جانبها منظومتان محدودتان قويتان؛ واحدة بقيادة الولايات المتحدة، والأخرى بقيادة الاتحاد السوفيتي، ومع انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك منظومته المحدودة؛ أمست الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم بلا منافس، وبدأ عصر القطب الواحد، وتلاشت العوائق التي فرضتها المنافسة الأمنية بين القوى العظمى من أمام القطب الأوحد، كما ظلت المنظومة التي بنتها الولايات المتحدة راسخة في مواجهة الاتحاد السوفيتي.
أخذت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب في تشييد المنظومة الليبرالية الدولية الجديدة بعد الحرب الباردة، وذلك من خلال:
أولًا: فتح باب العضوية في المؤسسات التي قامت عليها المنظومة الغربية، ثانياً: بناء نظام اقتصادي دولي قائم على اقتصاد السوق المفتوح.
ثالثاً: فرض الديمقراطية الليبرالية على دول العالم الأخرى.
وقد حققت المنظومة الجديدة في الفترة من ١٩٩٠ إلى ٢٠٠٤ نجاحًا باهرًا، وانتشرت قيم المنظومة على نطاق واسع حول العالم، ثم بدءًا من عام ٢٠٠٥؛ شهدت تلك المنظومة حالة من الانهيار المتواصل حتى اللحظة الراهنة، وهو انهيار منذر بفنائها واستبدالها بمنظومات واقعية أكثر ملائمة للواقع الجديد وفقًا لما يطرحه ميرشايمر، وفي بيان أسباب انهيار المنظومة؛ يتطرق ميرشايمر لعدة أسباب مفصلية ورئيسة في نظره هى التي أدت إلى هذا الانهيار، وهي: ما خلقته عملية فرض الديمقراطية على الدول الأخرى من حروب وصراعات لم تنتهِ إلى الآن، وما سببته تلك التدخلات من مشاكل اصطدمت مع القومية والتي تعد العقيدة السياسية الأقوى في هذا الوقت، يضاف إلى هذا ما سببته تلك المنظومة من مشاكل ترتبط بانتهاك السيادة للعديد من الدول ومنها الدول الغربية نفسها، وأخيرًا ما سببته العولمة المفرطة التي صاحبت نشأة المنظومة – وكان شرطًا أساسيًا لنجاحها – من مشاكل اقتصادية وسياسية عانت منها الدول الغربية في المقام الأول.
ينتهي ميرشايمر في هذه الدراسة إلى أن فشل المنظومة الليبرالية الدولية كان أمرًا محتومًا منذ نشأتها لما اعتراها من عيوب وثغرات صاحبتها منذ النشأة، ولا بد الآن من التعرف على البديل الجديد لتلك المنظومة؛ وهو المنظومات الواقعية المحدودة القوية، ومن ثم فعلى الولايات المتحدة إذا أرادت الحفاظ على مركز الصدارة في توازنات القوى الجديدة المرافقة لصعود الصين وروسيا؛ أن تعمل في اتجاهين متوازيين؛ الأول: أن تشرع في بناء منظومة واقعية محدودة وقوية، والثاني: أن تسعى قدر الإمكان لحيازة أكبر قدر ممكن من النفوذ في المنظومة الدولية التي ستنشأ عقب انهيار المنظومة الحالية، والتي ستعنى بتنظيم المصالح المشتركة بين القوى المتنافسة في النسق الدولي.
مترجم عن اللغة الإنجليزية
Leave A Comment