أجرى الحوار وقدَّم له: أ. د. يمنى طريف الخولي

وضع هوامشه: أحمد عبد الرحمن خليفة

يقدم مركز أركان للدراسات والبحث والنشر هذا الحوار مع قطبٍ فريد اقتحم دراسات تراثنا من زاوية متميزة، ألا وهي الرياضيات في الحضارة العربية الإسلامية، وعلى مدار ما يربو عن نصف قرن توالت أبحاثه وكشوفاته لمواطن إبداع وإنجاز خطيرة، وعلاقات معرفية عميقة لم تكن معروفة من قبل.

إنه الدكتور رشدي راشد، العَلَم والمرجعية العلمية العالمية في تاريخ العلوم الدقيقة في العصر الوسيط، الرياضياتي الباحث والعالم والمؤرخ والفيلسوف والمفكر المهموم بقضايا الواقع الحضاري.

اختار راشد الإبحار في عوالم الرياضيات وهي مَلِكة العلوم، تاج العلم وأُقْنُومه، التي تتبارى العلوم في الاقتراب منها والتسلح بلغتها؛ لأنها النموذج الأمثل للضرورة المنشودة في الاستدلال العقلي، واللغة المنضبطة، والاستدلال الدقيق الذي لا مثيل له في أي شكل آخر من أشكال التفكير.

فضلًا عن الجهد الدءوب في تحقيق مخطوطات رياضية عربية وترجمتها إلى الفرنسية، أخرج د. راشد في تاريخ الرياضيات العربية وما يتصل بها عشرات الكتب بالفرنسية والإنجليزية، تُرجم العديد منها إلى العربية، وقد أبرزت أعماله الدور التاريخي للرياضيات العربية.

وتُواصِل كشوف د. رشدي راشد مسارها لتبيِّن توغُّل الإسلاميين في آفاق عقلنة العقلانية الرياضية ذاتها؛ أي فلسفة الرياضيات، مثلًا مع أحمد بن عبد الجليل السِّجْزِيِّ، الذي بحث العلاقة بين القابلية للتصور والقابلية للإثبات في التفكير البرهاني، عَبْرَ إشكاليات مفهوم اللامتناهي في الصغر في هندسة القطوع المخروطية.

أما في مجال الترجمة ونقل علوم الأوائل، بيَّن د. راشد كيف مَثَّل النموذج الإسلامي درسًا في الترحيب بالعلم استحسانًا للحق حيثما كان، والتفاعل الخَلَّاق مع الآخر، وأن الترجمة والإبداع لم يكونا -كما هو شائع- مرحلتين منفصلتين متعاقبتين آليًّا، بل بالأحرى قوتين علميَّتين متفاعلتين، فيما أسماه “جدلية الترجمة والبحث”، وأن دأب الإسلاميين على ترجمة النص الواحد المهم مرة واثنتين وثلاثًا كان تنقيحًا وتجويدًا وتطويرًا لمفردات اللغة العلمية، وأن المترجمين الأوائل هم الذين قاموا على بناء اللغة العلمية العربية، التي أصبحت أول لغة علمية عالمية في التاريخ.

يتناول الحوار على أربعة محاور معالم شخصية د. راشد وتأثيرها في مسيرته العلمية، وكذا أهم إسهاماته في تاريخ العلوم العربية وتطورها وعلاقاتها بالعلم الغربي، وكذا يوضح أبعاد التراث العربي المنهجية والعلمية وعلاقته بالآخر، كما يقف في المحور الأخير على الأسس التي يمكن الانطلاق منها لـ “توطين العلم” في ثقافتنا العربية.

حمل الحوار بالعربية

حمل الحوار بالتركية